اعترض الموساد على قتل بن كيران ومرسي والشاطر وخمسة قادة إسلاميين آخرين وعرقل “قسم تبادل التهديدات الإرهابية للإسلاميين” ـ بين مخابرات جنوب إفريقيا “إس.أس.أ” و”إل.إس.829″ اسم جنوب إفريقيا في “سي. آي. إيه” الأمريكية و”الموساد” الإسرائيلي قرار القذافي بتصفية لائحة من 12 اسما تسمح بعودة الاستقرار للمنطقة، ونقل الجنوب إفريقيين الاعتراض إلى السنوسي، عبر رئيس قسم التنفيذ في مخابرات “ليبيا”، تحت الرقم السري “329 ـ 11″، لأن “كيدون” في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية رغبت في محاكمة بن كيران كما فعلت فيما بعد، المخابرات الحربية المصرية مع مرسي لعدم تمكين هؤلاء “الإسلاميين” من أن يكونوا شهداء، وهذه المحاكمات “ستكسر صورتهم لمدة طويلة”، وعلق القايد السبسي على ما تريده الاستخبارات الإقليمية في محاكمة راشد الغنوشي بسبب مقتل شكري بلعيد: “إن مشاركة النهضة في الحكم واجب وطني لمنع انزلاق تونس”.
ويخشى البعض من محاكمة بن كيران على السنوات التي قضاها في الحكم، وقال بخصوصها رئيس الحكومة: “إني مستعد لدخول السجن”، وحملت التقارير في حينه أن الرسالة وصلت حزب العدالة والتنمية، وهو يحرص على ولاية ثانية، وليس المشاركة في حكومة قادمة فقط، كما منع رئيس الحكومة (التوجه الصهيوني لمحاكمته) انطلاقا من عرقلة خطة حصاد لمحاكمة شباط بمبرر (ابتزاز الدولة).
وتدفع تل أبيب إلى محاكمات في الجزائر والمغرب مما يؤكد على قوة نظاميهما، لأن البلدين في خانة الدول المستقرة، يقول الكولونيل “عيران ليرمان”، إن الجزائر والمغرب في خانة إسرائيل، كما تناقلتها المواقع الإخبارية الفرنكوفونية عن “جيروز ليم بوست”، وقسم المسؤول السابق ـ وخريج “أمان” أي المخابرات الإسرائيلية العسكرية المتقدمة حاليا على الموساد ـ المنطقة إلى مجموعات: إيران وحلفاؤها، وداعش وأخواتها، وقطر والإخوان المسلمين، وضم في الخانة الرابعة إلى جانب بلده كل من الجزائر، المغرب، السعودية، الإمارات، الأردن ومصر، وإلى جانب نظرية الخانات أو “الفيالق الأربعة” التي تعتمدها “أمان” لتسهيل العمليات الإسرائيلية، وتشجيع خطوات “جريئة” للأنظمة تدفعها إلى الانزلاق، هناك نظرية “التخوم”، وهو عنوان كتاب الضابط السابق يوسي أفير(1)، ويقوم على محاكمة بن كيران وسعيد بوتفليقة، ومشاركة المغرب في انقلاب عسكري في الجزائر، وبناء خارطة جديدة للجار الشرقي، من خلال تقرير مصير “القبايل” وتقسيم الجزائر لإعلان الفيدرالية حلا جزائريا، وبالتالي “حلا مغربيا” لتجاوز قضية الصحراء “الغربية”.
المغرب في “نظرية التخوم” الإسرائيلية يؤمن بمحاكمة بن كيران، وهي توصية لقسم “بيتزور” “منذ محاولة توريط حزب العدالة والتنمية في تفجيرات الدار البيضاء ومحاكمة قادته، وتحولت حاليا إلى محاكمة بن كيران على تدبيره الحكومي عبر حكومة جديدة تبدأ بمحاربة فساد الحكومة السابقة
لا يتورع الضابط “يوسي ألفير” في بسط نظرية “التخوم” في كتاب صدر له في الولايات المتحدة ورأى منظرو “آمان”، أن الفرصة كانت مواتية لمحاكمة حزب العدالة والتنمية في تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، وهي خلاصة قسم “بيتزور”(2)، وأيضا توصية وقعها “الكود” المسمى “ريك” الذي حقق في التفجيرات التي عرفتها إفريقيا، وتدعم هذه الوحدة، حاليا، الأمازيغيين في وجه الإسلاميين.
وورثت إسرائيل عداء الأمازيغ للإسلاميين من عدائهم لـ “القوميين العرب”، واحتفلوا جميعا بهزيمة جمال عبد الناصر في حروب الستة أيام يقول “بوسي ألفير”: “إن البربر احتفلوا بهزيمة العرب أمام إسرائيل”، وكم دعا الإخوان في السجون لهزيمة “ناصر” كي لا يتأله، حسب تعبير الشيخ الشعراوي.
وبعد هزيمة 1967، أصبحت النزعات العرقية استثمارا إسرائيليا في مقابل استثمار الشعوب العربية في تدينها، والفرصة مواتية لوراثة آخر نظام قريب من “العروبة” في الجزائر يتقدمه بوتفليقة، وآخر حكومة للإسلاميين في المغرب، تقول وثائق للموساد، وتدفع إسرائيل إلى محاكمة “سعيد بوتفليقة” على خلفية “تعاونه” مع الإرهابيين لانتمائه المبكر لحركة جامعية قريبة من التيار الإسلامي، متهمة حسب الجنرال نزار في قتل ضحيتين، وقبلها عبد العزيز بوتفليقة بتهمة قتله في 25 فبراير 2010 لعلي تونسي، مدير الأمن الوطني.
ونشر موقع “دبكا” الإسرائيلي تفاصيل الحادثة بأسلوب “جنائي”، مؤكدا على انقسام الجيش في الجزائر، وهذا الموقع معروف بارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية، ودعت نفس الجهات إلى محاكمة عبد الإله بن كيران في المغرب لطي صفحة مرحلتين من التدبير الأيديولوجي، في المنطقة.
وتغطي هذه المواجهة حربا مستعرة على الجيش الجزائري لتسهيل “انقلاب عسكري” يشارك فيه المغرب بدعمه تقرير مصير “القبايل”.
ويشارك أتراك(3) وسوريون ولبنانيون بصفة رجال أعمال(4) في عمليات على الأرض الجزائرية، وتشمل الأسلحة الموجهة إلى الجزائر “ميكو. أ. 200″(5) وتفاصيل “الميغ 29” التي نقلها الجاسوس التركي في 52 صفحة، وتفاصيل انقسام المخابرات الجزائرية “دي. أر. سي” في غرداية، وفي ارتباط مع بلدان إفريقيا، ويقرب التواجد المكثف لجهاز الموساد في ليبيا إسرائيل من المطبخ المغربي والجزائري.
ولا يزال الموساد مترنحا في موضوع “الانقلاب العسكري في الجزائر” رغم وصول قبايلي (بشير طرطاق) إلى رئاسة “الدي. أر. سي”، وتأجلت في المغرب محاكمة بن كيران لأن الوصول إليها يجب أن يكون “سليما” عن طريق حكومة منتخبة وبقرار منها يناهض الفساد.
ويقود النزعة الأمازيغية والمناهضة للإسلاميين، إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وحلفاء له يجدون في دعم المغرب لتقرير مصير “شعب القبايل” “انتقالا” للمنطقة المغاربية إلى الفيدرالية، لكن إسرائيل واضحة في قولها، إن أي شيء لن يمر في الجزائر دون انقلاب عسكري، ويعتقد المخططون في الموساد، أنه على تل أبيب أن تواصل خططها في إفريقيا ليس بصناعة قادتها، بل أيضا في التحكم بموجات الإرهاب، “الماكينة” الوحيدة لتغيير الأوضاع ونقل القيادة من يد إلى يد أخرى.
وكما قال الرئيس السوداني، عمر البشير لـ “أورو نيوز” (6/2/2015)، إن الموساد والـ “سي. آي. إيه” كانتا وراء إنشاء “تنظيم الدولة” و”بوكوحرام”، وليس الاتهام سياسيا، بل الدلائل قائمة، على أن “الإرهاب” هو محرك التغيير في أي خارطة نظام في المنطقة.
تقول تسريبات “سنودن”، أن تنظيم الدولة صنع في مصر لهزيمة بشار الأسد، ولا يمكن “قلع نظام مستبد” إلا بفكرة “الخلافة” التي نشأت في دمشق قوية وتوسعية ولا يختلف بشأنها الشاميون لأنهم وقفوا ضد بيت الرسول (علي وأهله)، فكيف لا يواجهون عائلة الأسد، ودعمت الـ “سي. آي. إيه”، و “م. أي. 6” هذه الخطة المسماة “تاج أو عش الزهيرات” (ني فلوران).
وقال الصحافي البريطاني “كلين كرين وولد” الذي عالج أخطر التسريبات في مليون و700 ألف ورقة، إن العملية بدأت في معتقل غوانتنامو وبين 2004 و2009 حين كان أبو بكر البغدادي معتقلا فيه، وتم تسليح جماعته عبر الشيفرة المسماة “إسنو سيجينت”(6).
وتعاونت “إن. س. إيه” الأمريكية و”الإسنو” الإسرائيلية و”جي. سي. أس. كيو” البريطانية و”سي. إس. أو. سي” الكندية، كما تورطت المخابرات الأردنية في هذه العمليات من “ني فلوران” وإلى تحديد أهداف حماس في الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويواجه الموساد عقبة جدية، لأن الأفارقة يثقون في التسريبات الموثقة وليس في التحليلات، وقصة “داعش” كما يوردها “كونغو تايمز”(7)، حالة دقيقة عن الرأي العام في القارة السمراء، ويميل شمال إفريقيا إلى هذا التوجه الذكي، وهو ما قال عنه “تقرير 829” في الأول من غشت 2015 بـ “المزعج للغاية”، إنه ذكاء إفريقي لا يقبل المناورة.
وترى الوكالات السرية أن 2014 سنة التحول وليس 2011، حيث قررت الدول الكبرى، إطلاق استراتيجيات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط لمواجهة التحولات وعودتها إلى التحكم من جديد، فانتهى الانتقال أو (الانتقالات) إلى أزمات أو ثورات مضادة.
وفي هذا السياق، تجاوز المغرب إسقاط “حكومة بن كيران” كي يواجه تحديات هذا التحول في ملف الصحراء وفي الجارة الجزائر، وكي لا تختلط الأوراق عليه، عوض حزب الأحرار الاستقلاليين، واستمرت الحكومة المغربية تحت رئاسة إسلامي، وفي مقابل مواصلة الحكومة لمهامها، اعترفت الرباط بتقرير مصير “القبايل” في الجزائر في تطور لافت وافقت فيه المملكة على مبدأ تقرير الشعوب في مقابل “الوحدة الترابية” للدول.
وترى إسرائيل هذا التطور بعين هادئة، مستمدة قوتها من رسم خارطة إفريقيا الجديدة، ومن محاولة تغيير نظام “ديبي” في تشاد، وقد اعتبرته تل أبيب خطأ فرنسا(8) يستوجب تصحيح باقي الخارطة في شمال إفريقيا.
وتواصل “تسريبات سنودن” الإفصاح عن “تقديرات الموساد” من إدارة العملية الإرهابية وإلى تسليحها في محاور، ومحور إفريقيا ـ روسيا(9) ينهار نحو سيطرة إسرائيلية على القارة السمراء من سرقة التكنولوجيا “صواريخ موكوبا الجنوب إفريقية”، وإلى سرقة الأدمغة أو صيد الرؤوس “ميلوخا” كما تسميه، وعبر الإدارة غير المباشرة للأحداث والمصالح في خارطة مفتوحة مسيطر عليها.
واعترف الجنرال “ياموس أدلين” بتأثير الموساد على مختلف القطاعات في المغرب وذكر (القطاع الحزبي).
العلاقة التاريخية بين العرش واليهود وبين اليهود والأمازيغ تشكل الكتلة التي ضربت سيطرة الإيديولوجيات في المغرب من “الاشتراكية” وإلى ما يسمى الصحوة الإسلامية
اليوم، “الموساد” أقل من المخابرات الداخلية الإسرائيلية “الشين بين”، لكن منذ أول لقاء بين الملك الراحل الحسن الثاني و”الموساد”، تمكن المغرب من إدارة أول حرب ضد الجزائر في حرب الرمال 1963.
وأرسل “ديفيد بن غريون”، رئيس الجهاز “مئير أميت” بجواز سفر مزور لتحذير الملك من عواقب عدم وقف هذه المواجهة، واعتبار مطالب المملكة في هذه الحرب ضمن الأمن الوطني الفرنسي، لأن التجارب النووية استمرت في الصحراء الشرقية إلى 1966، أي ثلاث سنوات بعد نهاية حرب الرمال.
ودربت إسرائيل طيارين مغاربة على “الميغ 27” وضباطا على الدبابات الفرنسية “أ. إم. إكس 13″، واستفادت تل أبيب من ضغوطها على الملك الراحل لوقف حرب الرمال، وتسلمت ثلاثة خطط لتطوير برنامجها النووي والمشاركة في التجربة الأخيرة على الأرض الجزائرية، وهذه العلاقة مع الملك الراحل التي سرب فيها “الموساد” لولي العهد في فبراير 1960 خبر اغتياله، كشفت أن “الموساد” قاد لقاءات مع مبعوثين للملك، ويوثق المؤرخ الإسرائيلي “يغال بن نون” “لقاء فبراير 1963″، حين التقى مبعوث الملك الراحل، بن حمو، في زنقة فيكتور هوغو بباريس مسؤولا من “الموساد” واصل ما بدأه “يعاكوف كروز”.
ورافقت هذه اللقاءات الأمنية الصرفة لقاءات سياسة حضرها بلافريج مرتين على الأقل، في “ندوة فلورنسا”، شهر أكتوبر 1958 وماي 1961، وشملت السلام مع الفلسطينيين.
وحسب “راني أيتان”، فإن “الموساد” هو من قال للدليمي بإحراق جثة بن بركة في “الأسيد” ودفن الرماد في غابة، تحولت إلى حديقة وعلى الرفات مسجد الآن.
ورغم حالة الوثوق بين الرباط وتل أبيب، وجهاز “الموساد” والمملكة تحديدا، فإن إسرائيل التي شاركت في قتل المهدي بن بركة لم تناقش مع المغاربة قتل الخميني، وخاف الإسرائيليون من تمتين علاقات طهران والرباط في عهد الملكيات، لأنهم لم يكونوا يريدون نقل التكنولوجيا النووية إلى المغرب، وإلى الآن، لا تريد تل أبيب أي علاقات بين حكومة بن كيران الإسلامي وطهران لنفس المبرر، فالخط الأحمر لـ “الموساد” في المغرب هو امتلاك الرباط لتكنولوجيا نووية، والجزائر عدوة لأن لها برنامجا نوويا في جزء كبير منه سري للغاية.
وإن كانت الخطوط الحمراء واضحة في علاقة تل أبيب والرباط، فإن العلاقات الاستخبارية شديدة الحساسية، وبمقابل “فوري”، وفي هذا الصدد، يورد “يوسي ألفير” من الاستخبارات العسكرية لصحيفة “إسرائيل 24″، إن الملك الراحل سمح بالتنصت على مؤتمر القمة العربية في الدار البيضاء عام 1965 لمعرفة مدى جاهزية القادة العرب لحربهم ضد إسرائيل، وجهزت تل أبيب بالمقابل الحرس الخاص وقسما خاصا معززا بتكنولوجيا أمنية متقدمة.
والتقى الحسن الثاني مع رئيس “الموساد”، “يتسحاق حوفي”، كما التقى مع “رابين” الذي وصل بباروكة شعر أشقر للقاء حسن التهامي، مستشار السادات قبل زيارته القدس، وقبل أن يلتقي التهامي مع “موشي ديان”.
وساهم المغرب في دفن القومية (الناصرية) معتمدا على النزعة الأمازيغية المحافظة، التي قاد رجالها وزارة الاتصالات، التي كانت الوزارة الحساسة حينها ومكتب الاستعلام “الكاب 1″، وقد أدار هذه الوزارات والمكاتب الاستعلامية “أمازيغ” وجمعت أحرضان ولعنصر والمذبوح وغيرهم.
وشاركت المملكة في عملية “تريندنت” ضد جمال عبد الناصر في اليمن إلى جانب السعودية، كما أرسلت بقواتها إلى جانب الرياض في الحرب الأخيرة على الحوثيين.
ودائما في إطار نظرية التخوم الإسرائيلية، فإن المغرب جزء من أمن جبل طارق لمراقبة هذا المضيق، واستمرت المهمة إلى الآن بخصوص مرور السفن الروسية التي رست في سبتة.
وهذه النظرية التي اختزلت العلاقات الإسرائيلية ـ المغربية، لم تعد قادرة على استيعاب التطورات، وقد حدد المراقبون العمل بها بين 1960 و1979، سنة دخول المغرب إلى ما تنازلت عليه موريتانيا من الصحراء، حسب اتفاقية مدريد، وحدث خلاف جدي مع “الموساد”، فيما دعمت الاستخبارات “أمان” بناء الجدار الرملي على مسافة تضمن الأراضي العازلة.
وذهبت العلاقات الثنائية بين “الموساد” والمغرب إلى مأزق جدي في التعاون المباشر، فعملية “جين طونيك” في اليمن أي حوالي 14 رحلة ليلية لبريطانيا في حرب اليمن عام 1960(10)، لم يسمح الملك محمد الخامس بالمشاركة فيها، وهو ما أثار الغرب عليه، ومن المفارقة، أن الرياض دعمت الملكيين الحوثيين من الشيعة الزيدية، وتقاتلهم اليوم من منطلقات مصلحية أخرى.
ورفض محمد الخامس زيارة الجنرال المسمى “الناصري” من “السافاك” الإيراني إلى جانب رئيس “الموساد”، ومات محمد الخامس وقد ساهم المغرب، دون علمه، في سبع عمليات سرية منذ كشف “الموساد” محاولة اغتيال ولي العهد (الحسن الثاني).
ودعم الملك الراحل قيادة “الأمازيغ” للجيش والاستخبارات لمنع الناصريين والانقلابات معا في البلاد، لكن الجنرالين المذبوح ثم أوفقير، ومن نفس الحساسية الأمازيغية، قاما بمحاولتين فاشلتين.
وفي حرب الصحراء، دخل التعاون الإسرائيلي ـ المغربي مرحلة أخرى تخص الملف النووي في المنطقة يتقدمها البرنامج النووي الجزائري، والسقوف العسكرية لجيوش المنطقة، لأن الجيش الجزائري والمغرب شاركا في حرب 1973 ويشكلان خطرا على المدى المتوسط.
وتكشف “الموساد” اختراقها لجيوش المنطقة منذ خسارتها مرتين: مشاركة المغرب والجزائر البلدين غير الحديديين لإسرائيل في حرب أكتوبر 1973، وانتقال الجيش الإيراني من حليف إلى عدو في 1979.
وإلى الآن تعبر “الموساد” عن استيائها لعدم قتل الخميني تحت دعوى أن المغرب لن يكرر المحاولة فوق الأراضي الفرنسية، لأن عقدة بن بركة لا تزال حية.
ولم تختر إسرائيل أن تواجه تبعات قتل رجل دين لتحارب أتباعه، ومن الطبيعي أن تكون فتوى دينية لقتل الخميني، وقد أفتت الرباط وبعدها الرياض بذلك، ولم تتمكن “الموساد” من الوفاء بما اتفق عليه “شهبور بختيار” رئيس حكومة الشاه الذي التقى عن “الموساد” “اليعازر تسافرير”(11).
ولم تنجح “الموساد” إلى جانب المغاربة في أي عملية خاصة فوق الأراضي الغربية منذ هذا التاريخ، وهو ما حول القراءة الإسرائيلية إلى ما يدعى نظرية “الفيالق”، حيث يرى العقيد “عيران ليرمان” أن تل أبيب والجزائر والرباط في خندق واحد(12)، واصفا الجزائر بـ “قوة استقرار”(13) في المنطقة، وترفض هذه النظرية التدخل وإرباك الوضع الجزائري أو المغربي على حد سواء، لأن النظامين لا يقبلان عداء إسرائيل، ويواصلان تنميتهما بعيدا عن مشاركتهما أو دعمهما العسكري لفصائل “المقاومة” الفلسطينية.
والوصول إلى اتفاق مفصل يمنع المشاركة المسلحة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تطور ناتج عن توقف إسرائيل عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين.
ويعتقد أصحاب هذه النظرية في الاستخبارات العسكرية “أمان”، أن من المهم رفض التدخل في شؤون الجزائر والمغرب في مقابل عدم التدخل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأنه نزاع ثنائي وغير إقليمي منذ “اتفاق أوسلو”.
وترفض “الموساد”، رغم ضعفها الآن أمام أجهزة إسرائيلية أخرى، وقف تدخلها في دول الإقليم بعد نجاح خطتها في مصر بوصول عبد الفتاح السيسي إلى رئاسة البلد، وتؤكد على عمل تل أبيب في إفريقيا، وإن بمنهج تقليدي، منذ “غولدمائير” عام 1958، ونجح في الفوضى السورية التي خططت لها تل أبيب وكشفتها لولي عهد المغرب (الحسن الثاني) في لقائه بمسؤول “الموساد” في نفس السنة.
وتمكنت “الموساد” من إيصال “جوزيف موبوتو” إلى قيادة الكونغو، و”إيدي أمين دادا” في أوغاندا، وتحكمت في جيوش كينيا وتانزانيا، وأدارت عبر 20 جمعية حملة “أنقذوا دارفور” بـ 5 ملايين دولار.
وفي خلاصة صادمة، عمل ثلاثة آلاف إسرائيلي في إفريقيا بين 1958 وإلى حرب أكتوبر 1973، ومنهم 712 إسرائيليا على التراب المغربي.
وحاليا تتابع تل أبيب استراتيجية المغرب في غرب إفريقيا، وقد راقبتها منذ انطلاقتها، وفي مراجعة أوراق “قمة إفريقيا” و”الثورة الإفريقية الخضراء”، في مركز التعاون “ماشاف” بمناسبة الذكرى الخمسين للتأسيس، ما يفيد أن المكتب الشريف للفوسفاط هو (الهدف الرئيسي) في استراتيجية “المواكبة” لخدمة الأهداف المغربية في انسجام مع الغايات الإسرائيلية.
وتفضل إسرائيل في إطار عدم إجماع مؤسساتها على سياسة واحدة نحو المغرب، مرور العلاقات الثنائية عبر القنوات الأمنية والمحتكرة من الاستخبارات في البلدين.
وإدارة وزارة الخارجية للعلاقات الإسرائيلية ـ المغربية خط أحمر في نظر “الموساد”، لأن من المهم حاليا أن تكون العلاقات مع المغرب وباقي دول الخليج دفعة واحدة.
وتعززت هذه العلاقات في قراءة لصحيفة “معاريف” عقب تفجيرات الدار البيضاء، وأدت إلى قفزة جديدة في مستوى الاتصالات تمثلت في تكريس “الخطوة” التي اتخذتها “الموساد” بشكل منفرد في عام 2001، عقب تفجيرات 11 شتنبر، وتمثلت في إدماج عملاء مغاربة في الجهاز بصورة علنية وقانونية لتوظيف “كاتسا” ضابط معلومات وعمليات خاصة بـ 70 ألف يورو في السنة، عبر الموقع الرسمي لـ “الموساد” أو عبر “صيد الرؤوس” وأهمها الفتيات المغربيات.
وكشفت “حالة نبيلة وأختها” من 12 سنة، وشبكتها من 12 امرأة وضعية المغاربة العاملين في “الموساد”، وأوردت في شهادتها بموقع “دوتكوم. كوم” ضد “بوسلين بيني” كيف قدمت خدماتها لدولة إسرائيل.
وكانت هذه المغربية “صحافية” و”أستاذة اللغة العربية في تونس” ووصلت إلى “جورج فيرم” من حكومة الحريري المقتول في تفجير عام 2006.
وكما قالت نبيلة في اعترافها الذي نقلته أسبوعية “ماروك إيبدو” من الموقع المسمى “الشك. كوم” إلى الجمهور المغربي، فإنها وصلت إلى رجال الأعمال الأمريكيين من أصول عربية، ومنعت بعملها وصول أموال إلى جهات محددة، كما راقبت المال الذي يمكن أن يصل إلى أيدي تنظيم “داعش”، واصطادت في طريقها الكثير.
ويظهر من قضية “نبيلة”، أن “الموساد” سخر فورا مغربيات بعد 12 يوما من تفجيرات 11 شتنبر، وكرس حضوره بعد تفجيرات الدار البيضاء، ونشرت “معاريف” في شتنبر 2003، لقاء الملك المغربي و”سيلفان شالوم”(14)، وأراد الإسرائيليون أن تعرف الرباط من هذه اللحظة ما تريده تل أبيب في دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، وانتهى الخلاف مع بان كيمون بتصويت المغرب مع إسرائيل في اللجنة القانونية بالأمم المتحدة.
وهو تطور يكشف الرغبة في إعطاء وجه قانوني لوضع المغرب في الصحراء بعد وصفه من طرف الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون بـ “المحتل”، ويجيء في إطار تطبيع أقوى مع الجالية اليهودية في إسرائيل بعد اعتبار الوزير أنيس بيرو، أنها الجالية المغربية الثانية في العالم، ولأول مرة ترد الجالية في إسرائيل ضمن الإحصائيات الرسمية لعام 2015، وتبلغ 800 ألف نسمة تسبقها الجالية المغربية في فرنسا بمليون و314 ألف مغربي، والثالثة في إسبانيا بـ 758 ألف مغربي، ولقيت هذه المبادرة ترحيبا إسرائيليا، كما نقلت “تايمز أوف إسرائيل”(15).
وأنكر المغرب أي جهود في السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بعد المبادرة الشخصية لـ “صموئيل شتريت”، وهو من أصول مغربية، من أجل عقد لقاء بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتبقى الصلات الإسرائيلية ـ المغربية أمنية بالأساس، لأن “الموساد” يريد احتكار الأمنيين لهذه العلاقات التي يريد صياغتها مجددا من أجل بنائها على أسس جديدة، لأن النظرية التي حكمت “الموساد” في علاقتها مع المملكة من 1958 إلى 1979 تحت عنوان “نظرية التخوم” وبعدها “نظرية الفيالق” التي تجمع المغرب والجزائر في خانة إسرائيل قد انتهت إلى أزمة، لسببين:
– بناء منطقة المغرب العربي على أساس الفيدرالية لم يعد من الصحراء “الغربية” أو”القبايل”، بل من ليبيا، لحسم خلافها الداخلي وباتجاه حكم ذاتي في جنوب المغرب لتمكين الصحراويين من إدارة مستقلة، ومرورا بالجزائر التي دافع فيها الإسرائيليون والمغاربة على تقرير مصير شعب “القبايل”، وبشكل رسمي منذ عام 2012 بالنسبة لإسرائيل، وفي الشهور الأخيرة بالنسبة للمغرب.
– ويحاول الإسرائيليون أن يكون لهم دور في هذه الفترة الحساسة من تحولات شمال إفريقيا، وهم يقترحون ويدافعون عن فيدرالية لحل مشاكلهم مع الفلسطينيين وأيضا لإقامة مشهد مصري جديد انطلاقا من سيناء.
ويمكن التأكيد على رغبة إسرائيل في “فدرلة” العالم العربي، بما يتقاطع مع الحل المقترح رسميا من طرف المملكة لحل مشكل الصحراء.
إسرائيل الداعمة للفيدرالية حلا لمشاكلها مع الفلسطينيين، ولإقامة مشهد مصري جديد انطلاقا من سيناء، مرورا بشرق ليبيا و”القبايل” في الجزائر، تقر الحكم الذاتي في الصحراء وتنتقل من التوافق الجيوسياسي مع الرباط إلى بناء علاقة روحية بين العرش واليهود المغاربة وبين الأمازيغ واليهود ولا تترك للإسلاميين احتكار هذا البعد، وحسب موقع “توراة بوكس” الرسمي، فإن طلب الملك محمد السادس صلاة الاستسقاء من “الحبر الأعظم” “أحارون مونسينيجو” هو من أتى بالمطر بعد أقل من 24 ساعة
جرأة “صموئيل شتريت”، رئيس فيدرالية يهود المغرب في نقل علاقات الملك محمد السادس برعاياه من يهود المملكة جعلت الخارجية المغربية تتحفظ عن بعض الخطوات على صعيد الوساطة في الشرق الأوسط.
وأورد الشخص العلاقات الحميمة بين “شالوم زاتسال” ومحمد الخامس، وأشار حفيده الملك محمد السادس إلى وصية الجد لأبيه.
وذهب الحال في مقابل “بركة” الإسلاميين بقيادة بن كيران في سنوات مطيرة إلى القول بأن استسقاء اليهود هو من جلب المطر، بعد أقل من 24 ساعة ودام لأسبوع، وقرأوا فيها “شيمني أنسيريت” في صلاة المطر “تيفلات هاغيشيم”(16).
والصراع حول “البركة” بلغ أشده بين اليهود والإسلاميين ليس في طاعتهم لأميرهم، بل أيضا في أمور التقوى ورضى الله “إلوهيم”، ومن دعائهم حاليا أن لا يكون بن كيران رئيسا للحكومة القادمة.
وجر هذا الوجه على الأمين العام لحزب العدالة والتنمية صراع الأحبار والمؤسسات الدينية في باريس وتل أبيب وليس المؤسسات الأمنية والسياسات الإقليمية الجارية.
ومن المخيف في هذا التقييم، أن تمنح صناديق الاقتراع الحكومة الحالية ولاية جديدة أو ينتخب الشعب حزب العدالة والتنمية لرئاستها لأنه “من دون استراتيجية جديدة”، أو أنه سيتابع خطواته المطلوبة دون هامش مناورة، وإن أشار بن كيران إلى سيطرة حكومة الظل على المشهد، فلأنه يريد تفعيل هذا الهامش لصالحه ووقف تدخلات تفرض نفسها على الدولة الرسمية حسب تعبيره.
ومن المخيف أن تتجه بعض الأطراف إلى الرد على بن كيران بقسوة، كما يطرح السيناريو الإسرائيلي: محاكمة رئيس الحكومة المغربي بن كيران على شاكلة رئيس مصر، مرسي.
تطور العلاقات الثنائية الإسرائيلية ـ المغربية في عهد بن كيرا ن لم تمنع طلب نهاية عهده
“تحت الضغوط دائما تتحقق الخطوات الممنوعة”، تلك حكمة عبرية قديمة مارستها تل أبيب، في خطوات قوية لفتح ثغرة في الجدار، بطريقة تهيكل لهذه العلاقات، في مقدمتها العمل الرئيسي الذي تقوم به شركة “العال” (النقل الجوي لدولة إسرائيل)، وإسرائيل وقعت بعد المغرب اتفاقا مع المنظمة الأوروبية لأمن الملاحة الجوية “أورو كونترول”(17).
وقال الوزير المختص “إسرائيل كاتس”، “إن الخطوة جاءت لتعزيز العلاقات الملاحية بين أوروبا وإسرائيل”، والهدف المباشر في الوصول إلى المغرب، ومحاربة التهريب وهو الجزء الذي يبني إلى الآن علاقات أكثر متانة بين تل أبيب والرباط، وأوضحت “نيويورك تايمز”، أن “العال” تريد تعزيز علاقتها مع المغرب، وجاءت الفرصة سانحة لتكون “الموساد” و”العال” أكثر قربا من الرباط كما لم يسجل من قبل.
ويأتي بعد “الموساد” و”العال” تصدير نموذج لمحاربة الإرهاب في إفريقيا، وتأتي تونس بديمقراطيتها والمغرب بنموذجه الديني وإسرائيل بتكنولوجيتها مثالا لما يدعو إليه الأفارقة في دول جنوب الصحراء بدءا من مالي(18)، وإلى السنغال، مرورا بكل دول الساحل، وهو درس جيوسياسي في نظر الصحافيين والكتاب الأفارقة.
ويشكل زواج التكنولوجيا الزراعية، التي مدحها قديما المهدي بن بركة في لقائه بالضابط “ياكوف كاروز”، مع الفوسفاط المغربي في إفريقيا رهانا ثنائيا في دول الساحل، وهذا الحلم القديم بين المسؤولين المغاربة والإسرائيليين يتحقق حاليا، وتبدو العلاقات الثنائية في خدمة هذا المشروع الذي لا يزال تحت قبضة الأجهزة الأمنية ولا تفرط فيه.
ومن العيب حسب ضباط “الموساد”، أن تكون الدولتان رهينتي البداية التي جاءت “سرية” في تهجير اليهود إلى إسرائيل عبر وكلاء الوكالة اليهودية “شليهيم” بين 1954 و1955 وبقيت كذلك إلى أيامنا هذه.
ويمكن في حال تحرير هذه العلاقة الوصول إلى خلاصات رئيسية، منها التأثير الواسع للتيار الديني في الدولتين ـ الإسرائيلية والمغربية ـ وهما تياران مسيئان للعلاقة الثنائية، ويحاول “الموساد” أن يبعد التطبيع بين تيار إسلامي يرأس الحكومة المغربية وتيارات “دينية” متطرفة لا تريد تحت أي حال تبادل السفراء مع حكومة عبد الإله بن كيران، وتجد مصيره في دخول القفص مثل مرسي، وهو حلم المتدين الإسرائيلي على الأقل.
إعداد: عبد الحميد العوني
هوامش
1_ Yossi alpher, periphery: Israel’s search for middle east allies (sur net en Hebreu).
2_ Bitzur.
3_ fr.awdnews.com (consulté/15/6/2016).
4_ Algerie focus.com/2014/02/cinq agents de Mossad activement recherchés).
5 _Wikistricke.com (l’armée Algérienne espionnée par le Mossad/17/3/2016).
6_Isnu Sighint.
7_ Kongo times.info (29/6/2015) (terrorisme: la C.I.A et le Mossad ont entrainé Abubaker al Baghdadi.
8_ Camer.be/48458/6/1/2016.
9_L’axe Afrique – russie, Mikhaïl Gamandy egorov) afrique russie.wordpress.com (Mossad).
11_ Eliezer tsafrir (124new et y net) consulté 12/6/2016.
12_ Le mag, colonel eran lerman, le Maroc et l’Algérie sont dans le camps d’Israël (consulté 6/2/2016).
13_ (Algeria, wich one upon a time fueled by fiery socialists, now is a force of stability).
14_ afrol.com 25374 (17/5/2007).
15_ fr.times of israel.com 7/7/2016.
16_ TORAH-Box.com 27777 (21/1/2014).
17_ 15/6/2016 par Joel Ricci, air- journal 5164072.
18_ mlali actu.net 26/4/2016.
(mali: leçon géopolitique: Tunisie, Maroc et Israël, trios pays sur lesquels le Mali s’inspirer pour lutter contre terrorisme).