تحولت الحياة في مخيمات تندوف إلى جحيم يومي يعيشه السكان الصحراويون المحتجزون من طرف السجانين والجلادين في قيادة البوليساريو الذين يحكمون قبضتهم على هذه المخيمات بالحديد والنار بدعم من جنرالات الجزائر و بأوامر منهم. ولعل كل أساليب القمع وألوان التعذيب والحرمان التي يعاني منها أولئك المحتجزون في سجنهم الشاسع شساعة تندوف ومخيماتها لم تعد سرا ولا أمرا مسكوتا عنه من أسرار الجرائم البشعة التي تمارسها قيادة البوليساريو بعيدا عن أنظار الرأي العام الدولي والإقليمي، متسترة تحت شعارات طلبات المساعدات الإنسانية المعنوية منها، واللوجيستية والغذائية والمالية التي اتضح أن المستفيد الأول منها هم رموز هذه القيادة أكثر من استفادة المحتجزين منها، ومع ذلك ما زال الجدار السميك من الصمت المطبق على مثل هذه الجرائم الذي ضربه قياديو الجبهة بمساعدة من الجزائر وبتواطؤ مع جنرالاتها يحول دون كشف جرائم خروقات حقوق الإنسان واغتصابها في هذه المخيمات.
واستغلالا منها للصمت الدولي الذي تكد الجزائر في شرائه بأبهظ الأثمان ضدا على رغبة الشعب الجزائري وتطلعاته، فإن السجانين في مخيمات العار يسمحون لأنفسهم لتسليط جام الغضب على أبناء الشعب الصحراوي المحتجزين لديهم أو المعتقلين في سجون أعدت خصيصا لردع كل من صدح بقول كلمة حق وممارسة مختلف فنون التعذيب والتنكيل لكل من سولت له نفسه التمرد ضد القمع الممارس وضد هضم الحقوق التي تُسلب باسم الشعب الصحراوي وتذهب لصالح القادة وأبنائهم وأقاربهم وضد الحرمان ومصادرة الحقوق والحريات، حيث يواجه الآلاف من الأطفال والنساء والعجائز من الرجال ألوان هذا التعذيب، وهم عزل مجردون من أدنى الحقوق، فبالأحرى من ما يستطيعون به من آليات أخرى مواجهة هذا القمع والتعذيب وفي مقدمتها الحق الأدنى للدفاع عن النفس. في سياق موضوع التعذيب وعلاقته مع حقوق الإنسان، من المضحك في تناقضات قيادة البوليساريو وعُرابها الجزائر التي تدعمها في غيها الأكبر وصارت بقدرة قادر ناطقا رسميا للمحتجزين ينوب عنهم في "استخلاص" حقوقهم، هو الشعارات التي تتبناها الجزائر وتتاجر بها على حساب أبناء الشعب الصحراوي بمقابل أكثر فائدة ويتمثل في صمت المنتظم الدولي أمام الجرائم التي تنفذها قيادة البوليساريو على أبناء المخيمات وهي تحاكي في ذلك الجرائم التي ينفذها حكام الجزائر في حق أبناء الشعب الجزائري في جل المدن والمناطق والولايات الجزائرية، وفي مقدمتها منطقة القبايل وولاية غرداية على سبيل المثال لا الحصر. وبالقدر الذي يمكن التأكيد على أن الشعارات الداعية إلى "تقرير حق المصير" والاختيار الحر" التي تتشدق بها الجزائر تعكس بالواضح بحر التناقضات التي تسقط فيها قيادات البوليساريو وداعمتها الأزلية القيادة الجزائرية ويفسرها سوء معاملة المحتجزين الصحراويين وتجريدهم من كل الحقوق مع استعمالهم أذرعا بشرية للاستجداء والتسول لدى المنتظم الدولي ومنظمات الدعم الغذائي الإنساني، بالقدر الذي تفضح "حركة الشباب الصحراوي من أجل التغيير" فضائح قيادة البوليساريو وتواطؤها مع القادة الجزائريين في الخروقات السافرة ضد حقوق الإنسان في المخيمات وتفضحها جرائم الاستغلال القسري والتعذيب الجسدي ومصادرة كل الحقوق بما فيها حق التعليم والتكوين والحق في الصحة والرعاية الاجتماعية وحقوق الطفل وحقوق المرأة وحق العجائز من الرجال والنساء الذي يرتبط بالعيش الكريم والسكن اللائق والتغذية المستدامة قبل التنمية الاجتماعية فبالأحرى أن تكون تنمية مستدامة، كما يفضحها الزج بأطفال وقاصرين في معسكرات عسكرية في كوبا للتدرب على حمل السلاح بدل التدرب على حمل قلم العلم والمعرفة والتربية والتكوين.
الخروقات السافرة في حقوق الإنسان لا تتوقف عند هذا الحد بل تفضحها "حركة الشباب الصحراوي من أجل التغيير" التي تقف بالكاد صامدة في وجه هذه الخروقات وفي وجه الآلة القمعية للبوليساريو مدعومة بالبرامج الجزائرية منادية بالحرية ووقف نزيف هدر الحقوق وتذهب إلى حد المطالبة بتغيير القادة المسؤولين عن مخيمات العار وذلك على الرغم من كل أساليب التعنيف التي يواجهها النشطاء في هذه الحركة انطلاقا من التضييق والتنكيل والضرب والجرح إلى الاختطاف والاعتقال والاغتصاب في السجون، بالإضافة إلى الاعتداء على الأهل والأقارب بوحشية لا تتصور تتعدى الضرب والجرح إلى الاغتصاب الجماعي وبالقوة حيث برع هؤلاء السجانون في إخراج نماذج جديدة في تعذيب نشطاء المطالبة بالتغيير وفضح الحقائق، وهي نماذج لا تمت بصلة إلى حق السجين فبالأحرى إلى حقوق الإنسان وتستحق أن تؤدي بمقترفيها إلى اعتبارهم مجرمين ضد الإنسانية بأبشع صورها. شهود عيان على هذه الجرائم التي يمارسها السجانون في البوليساريو على غرار القادة يؤكدها الاختطاف الذي تعرض له الشاب رابح احمد ومحمد الداح الذي تحدى القيادة و كشف عن وجهه وهو يطالب بالتغيير على رأس القيادة ويفضح أساليب القمع والحرمان ومصادرة الحقوق واستغلال خيرات أبناء الشعب الصحراوي المحتجزين قبل أن يطاله الاختطاف إلى وجهة مجهولة ليبقى مجهول المصير لحد الآن، و على غرار مطاردة كل من خطري حمادة خندود (20 سنة) ومحمد عليان ابيه (23 سنة) ومواشان السالك بوجمعة (34 سنة) الذين طاردتهم القيادة في البوليساريو مدعومة بجنود جزائريين بالسلاح واضطرتهم إلى الفرار إلى حدود التراب الموريتاني حيث عادث بجثتي الأولين من النشطاء الثلاثة ممثل بهما بالرمي بالرصاص الطائش أثناء ملاحقتهما فيما عادت بالثالث يصارع الموت جراء إصابته بجروح بليغة على مستوى الرأس.
آلة القمع في البوليساريو تواصل تصفية الشباب المطالبين برحيل عبد العزيز المراكشي
