إن هيمنة الجزائر على المشهد السياسي لمالي لعدة سنوات كلف مالي وضعا سياسيا أمنيا لا يحسد عليه، وكاد أن يكلفها ذلك تقسيمها إلى إمارات إسلامية متناحرة. حيث كانت الوساطة الجزائري في مفاوضات الماليين أثناء الأزمة تنحو نحو تقسيم هذا البلد.
واقع حال أيضا يكشف أن قول الملك في كلمته "إننا انتصرنا على الإرهاب والانفصال" فيه دلالة واضحة على فشل الجزائر تدبير مفاوضات أطراف مالية أيام الأزمة على جدول أعمال لترتيب الانفصال في مالي، وهو التوجه الذي رفضه مجلس الأمن الدولي ونسقت فيه فرنسا والمغرب عبر استصدار قرار أممي يتيح استخدام القوة لحل الأزمة المالية.
إن إعلان الملك محمد السادس بمالي عن طبيعة العلاقات الشراكة بين المغرب ومالي مستقبلا يعطي الانطباع بأن هناك تأييدا دوليا لمبادرة الملك، ولا سيما مبادرة محاربة التطرف والغلو عبر المشترك العقدي المغربي المالي والقائم على أساسا على مرجعية الإسلام المعتدل.
هذه الشراكة المغربية التي لقيت ترحيبا دوليا وماليا تعبر بأن هيكلة الحقل الديني للمغرب ونجاحه فيما فشلت فيه الجزائر بمكافحة إرهاب الجماعات الإسلامية المتطرفة والتي لا تزال تتخذ من الجزائر مقرا أمامنا لانطلاق عملياتها المسلحة على الجيش الجزائر والتراب المالي والموريتاني.
عبد الفتاح الفاتحي