عندما يحرض اليسار الفرنسي على الحرب ضد المغرب

لوموند

صدر عدد جديد من جريدة لوموند الفرنسية العتيدة في نسختها الإلكترونية و هو يحمل عنوانا يتحدث عن "ازدياد الضغط بهدف تشديد الحرب ضد المغرب من طرف جبهة البوليخاريو" ، هكذا و بكل بساطة اكتشفنا أن الجريدة اليسارية العتيدة قد قامت ببعث مراسلتها إلى مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر خلال الأسابيع الماضية لكي تحضر نشاط المؤتمر 16 للعصابة الإرهابية، و لم تكتف المراسلة بالحضور هناك و متابعة ما يحدث، بل فتحت منبرها لعدد كبير من مسؤولي الحركة لكي يتحدثوا عن خططهم و أهدافهم المستقبلية و المعارك و العمليات الإرهابية التي يعدونها في مواجهة ما سمته بالاحتلال المغربي، كما تبجح من سمته مدير في وزارة دفاع جمهورية تندوف بأن ممثلي العصابة في مؤتمرهم الأخير يصرون على ضرورة العودة بالحرب إلى زمن الثمانينات من القرن الماضي، حيث خاضوا معارك متواصلة مع المغرب أجبرته في النهاية على توقيع اتفاق سلام معهم و هو نفس الإتفاق الذي قام بخرقه قبل سنتين حين بادرت القوات المسلحة الملكية بتحرير معبر الگرگرات الحدودي الذي أغلقه جرذان الصحراء بتحريض من المخابرات العسكرية الجزائرية، في محاولة لخنق المغرب اقتصاديا و منعه من الوصول إلى الأسواق الإفريقية في دول الصحراء الكبرى و الساحل ، بينما يتعلق الأمر كما نعرف و يعرف العالم أجمع و قبلهم منظمة الأمم المتحدة باتفاق لوقف إطلاق النار وقعته المنظمة الدولية مع المملكة من جهة و مع البوليخاريو من جهة أخرى، كل طرف على حدة، و جاء كنتيجة لتجهور الأوضاع السياسية في الجزائر حينهاو التي كانت مقبلة على سنوات العشرية السوداء الجموية، و لم نرى الأمم المتحدة و لا مجلس الأمن الدولي في قراراته الأخيرة يتهمان المغرب بخرقه، لا قبل إغلاق المعبر الحدودي و لا بعده.

كما عرضت الصحيفة صورا لزعيم الإرهابيين بن بطوش (المتابع بجرائم الخطف و القتل و الاغتصاب في حق المحتجزين قسرا داخل المخيمات) و لم تتردد في وصفه بزعيم "جمهورية تندوف الصحراوية الديموقراطية"، الذي أعيد انتخابه من جديد في تمثيلية قميئة تمت كالعادة تحت حراب و بنادق الجيش الجزائري الذي يسيطر على كل ما يدخل و يخرج من مخيمات المحتجزين، الذين يتاجر بمآسيهم كلما توجهت كاميرات التلفزيون الجزائري العمومي نحو رئيس جمهوريتهم أسير الجنرالات.

الجريدة لم تكتف بهذا فحسب، بل يبدو أنها قد قامت بعملية إحصاء للمحتجزين و هو الشيء الذي لا زالت الأمم المتحدة نفسها عاجزة عن القيام به بسبب تعنت جنرالات الكوكايين رغم مرور ما يقارب النصف قرن على بداية المشكل المصطنع، بحيث أعلنت و بمنتهى الصفاقة أن عددهم يفوق 173000 شخص، كلهم يحلمون بقيام دولتهم على أراضي الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، لكن الصحيفة اليسارية الحاملة دوما للواء الديموقراطية و حقوق الإنسان، لم تخبرنا كيف أن هذا العدد يمثله اليوم فقط أقل من 1300 شخص هم من لهم حق التصويت في مؤتمر اختيار زعيم العصابة. و لم تكتف بذلك فحسب، بل عرضت في صدر المقال مقطع فيديو

يتحدث عمن سمتهم بال " Les indépendantistes sahraouis" و هم يتسابقون ببذلهم العسكرية المهترئة أمام ميكروفون و كاميرا مراسلة الجريدة في تندوف، ليتحدثوا عن رغبتهم في الرفع من وتيرة الأنشطة القتالية ضد القوات المسلحة الملكية.

مقال الجريدة في مجمله هو عبارة عن تهجم صريح و واضح على المغرب و وحدته الترابية، و يحمل دعوة فرنسية مباشرة للعصابة الإجرامية للقيام بأعمال عدوانية و إرهابية ضد المملكة بهدف الضغط عليها إقليميا و دوليا، لكن القارئ بين السطور لا يملك إلا أن يشتم رائحة التحريض الواضحة للجزائر و البوليزاريو لإشعال المنطقة عسكريا أكثر فأكثر ضد المغرب، حتى يتسنى لفرنسا العودة لبسط سيطرتها على المنطقة من جديد (تماما كما فعلت حين بدأت بغزو و احتلال الجزائر في النصف الأول من القرن التاسع عشر) تحت مبرر تهدئة الأوضاع في شمال إفريقيا التي باتت اليوم رأس الجسر الأخير للإليزيه في القارة السمراء، بعد أن تم إجبار الجيش الفرنسي على وقف عملياته العسكرية و سحب قواته من منطقة الساحل و الصحراء، بل تمت مهاجمة مقرات بعثاته الديبلوماسية و إحراقها و طرد موظفيها في بعض المدن.

هذه الخطوة يمكن اعتبارها خطأ سياسيا و ديبلوماسيا فادحا، بل يمكن نعته بالتهور الساذج الذي لم يسبق لفرنسا أن قامت بمثله من قبل، حتى إبان الأزمات الديبلوماسية الصعبة التي عرفتها علاقتها مع المملكة المغربية من قبل، خصوصاً في سنوات الثمانينات مع حكم اليسار الفرنسي و وجود فرانسوا ميتران في قصر الإليزيه، هذا التهور لا يمكن قراءته الا بصيغة واحدة، و هي وصول الأزمة بين البلدين إلى نقطة اللاعودة. فأن تصل الوقاحة بجريدة تعتبر الناطق الغير رسمي بتوجيهات و سياسات Quai d'Orsay ( مقر وزارة الخارجية الفرنسية) و المركب الإقتصادي-العسكري الفرنسي ( الذي يفرك يديه في هذه اللحظات استعدادا للحصول على نصيبه من كعكة ميزانية الجيش الجزائري التي لم تعد من نصيب روسيا كما جرت العادة بسبب الضغط الأمريكي على المرادية) من وراءه إلى هذا الحد السافر من العداء للوحدة الترابية المغربية هو أمر غير مسبوق نهائيا، إذ طالما لعبت فرنسا على الجبهتين بشكل أقرب إلى الحياد المصنع ديبلوماسيا على الاقل.

كل هذه البهلوانيات السياسية و الإعلامية المفضوحة قد باتت تعني شيئاً واحدا، و هو أن معركة عض الأصابع مع الرباط قد قاربت على الحسم، و من يصرخ اليوم على صفحات جرائده بالأكاذيب و التدليس المختلق هو من يشعر بالألم لأنه فشل في فرض إرادته الإستعمارية على المغرب، و بات يرى المشهد في المنطقة ككل و هو يتسرب من بين يديه منذ العام 2017 حين رأى المملكة تعود من جديد إلى الإتحاد الإفريقي، لكن بصيغة جديدة، تقطع الطريق تماما أمام محاولات المستعمر السابق للمحافظة على مصالحه في القارة السمراء.

أتمنى أن يستوعب مناضلوا #اليسار_المخصي و معارضوا سن اليأس الذي يتقافزون على قناتهم في اليوتيوب مثل المراهقين موقعهم الحقيقي في المواجهة الدائرة اليوم بين المغرب و خصومه، أنتم و بمنتهى الخسة و النذالة تقفون من جديد في صف عملاء الإستعمار القدماء و الجدد، تماما كما فعل أسلافكم (المأفون الفقيه البصري و من معه من رفاقجية البعث السوري و دولارات مخبول ليبيا) حين فتحوا قنوات الإتصال المباشرة بين شرذمة من المراهقين و نظام معمر القذافي المجرم حتى يحتضنهم و يسلحهم لتقسيم المغرب و فصله عن إمتداده الجغرافي الطبيعي مع إفريقيا جنوب الصحراء، قبل أن يقوم كابرانات العشرية السوداء بتلقف العصابة الإرهابية لإكمال المهمة فيما بعد.

كمية النشوة و الحبور المفضوحة التي استبدت بكم خلال الأيام الأخيرة بعد صدور قرار البرلمان الأوروبي، ليس لها إلا عنوان واحد، إلتقاء مصلحتكم و أهدافكم مع أهداف و مصالح نظام عسكري مجرم قتل أكثر من ربع مليون شخص من بني شعبه و عميل للاستعمار الفرنسي معناه أنكم منطقيا مجرد خونة و عملاء له أيضا، و هذا ليس سبابا أو شتيمة، بل وصف موضوعي متجرد لحالكم اليوم، و هذا بالتأكيد شيء جيد لنا، فالمشهد قد بات واضحا جدا لكل الأطراف، و نحن الآن قد بتنا نعرف جيدا من هم أعداء المغرب الفعليين.

ملحوظة :

في الصورة أدناه نرى قائد أركان #كابرانات_الكوكايين المدعو شنقريحة و هو يتلقى هدية ثمينة من قائد جيوش فرنسا، مستعمر الأمس و اليوم الذي لا زال يخدمه بإخلاص و هو يعرض جماجم أجداده في متحف اللوفر شاهدة على إجرامه في حق شعبه، و أي هدية تلك, إنها خوذة ضباط فرقة الفرسان الفرنسية Les Hussards التي أنشئت أولى كتائبها في شهر نوفمبر من العام من العام 1792 في عز الثورة الفرنسية، و قد تشكلت الفرقة كلها من 9 أفواج، شاركت كلها و بدون استثناء في معارك غزو الجزائر ضد قراصنة الداي حسين و من معه، و استمرت في حربها و جرائمها ضد الشعب الجزائري طيلة 132 سنة ( خصوصا الفوج الثامن الذي اشتهر بقمع انتفاضات السكان المحليين باقتحام القرى في البوادي بالخيول و السيف كما حدث مع سكان واحة الزعاطشة بولاية بسكرة التي أبيدت عن بكرة أبيها برجالها و شيوخها و نساءها و أطفالها و عددهم أكثر من 13000 شخص و أحرقت واحتهم بنخيلها و مزارعها و بيوتها و سوتها تماما بالأرض، و قد استشهد تبون بلسانه بهذه الجريمة قبل نحو عام في محاولة بائسة للمتاجرة بدماء شهداء في حديث إلى الصحافة الجزائرية) كما كانت جوقة الشرف التابعة لها هي من تستقبل مبعوثي سلطات الاحتلال خلال زيارتهم أو تعيينهم هناك (رجالها كانوا مكلفين بحراسة وزير الداخلية الفرنسي فرانسوا ميتران خلال جولاته التفقدية لقوات الجيش الفرنسي إبان ما يسمى بحرب التحرير)، و لم يغادر آخر جنودها أرض الجزائر إلا في نهاية عام 1961، و ها هو اليوم قائد الجيش يبدو منتشيا و فخورا بنفسه و هو يتلقى خوذة حديدية لفرسان هذه الفرقة من يد قائد الجيوش الفرنسية، بينما لا زالت تحتفظ دولته بجماجم الشهداء في متحفها حتى اليوم، فأي ذل و هوان بلغه هؤلاء القوم.

شنقريحة

مهدي بوعبيد

25/01/2023