
آراء و مقالات
فيديو
العبّار فيلم وثائقي يعيدُ تشكيل أحداث تأمين معبر الكركرات
"العبّار.. الطريق إلى الكركرات"، فيلم وثائقي جديد يتتبّع رحلة الإسباني بيريس كوراليس مانويل، سائق يَحترف النقل الدولي منذ أزيد 30 عاماً، في رحلته المعتادة من إسبانيا في اتجاه نواكشوط بموريتانيا مروراً بالمغرب، والتي تكون هذه المرّة مختلفة، بعد أن صادف خلالها الأعمال البلطجية التي قامت بها ميليشيات البوليساريو بمعبر الكركرات، السنة الماضية.
ونتابع في الوثائقي الجديد الذي أنتجته شركة "MONAFRIQUE.PRODCOM" المختصة في الإنتاج السينمائي والتلفزي، وأخرجه إدريس بنيعقوب، تجربة "مانولو"، الأب لطفلتين والرحالة العاشق للمسافات الطويلة خلال رحلة من رحلاته العابرة للحدود، وهو يقطع مدن الصحراء من كلميم إلى الداخلة مروراً ببوجدور والعيون وطنطان، الحواضر التي تعوّد المرور منها مع اشتباكه الطويل بمساراتها وتآلفه مع تضاريسها.
ويرصد الفيلم الذي عرض ليلة أمس الاثنين على القناة الثانية، لحظات إنسانية مؤثّرة، تجمع بيريز وزملائه المغاربة العاملين النقل الدولي، خلال محطات الاستراحة التي تمثل بالنسبة لهم لحظات لربط جسور المحبة والتضامن الإنساني في مواجهة الطرقات الطويلة التي لا تنتهي، وهم ينقلون البضائع والمواد الغذائية الأساسية، ويصلون أوروبا بإفريقيا عبر المغرب على عجلات متحركة.
وفي بدايته، عاد الفيلم الوثائقي إلى الأهمية التاريخية لمعبر الكركرات كنقطة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، مع القوافل التجارية التي جابت المجال الصحراوي بسلاسة وأمان طيلة قرون من الزمن، إلى جانب الأهمية الحالية للمعبر الذي يعدّ بمثابة شريان اقتصادي حيوي بالنسبة لدول المنطقة الإفريقية التي تتلقّى أغلب إمداداتها من السلع عبره.
رحلة "مانولو" المثالية وكل التجارب الإنسانية الجميلة التي عاشها عبر ربوع المملكة من شماله إلى جنوبه، تنتهي بوصوله إلى الشريط العازل على الحدود المغربية الموريتانية، على يد ميليشيات البوليساريو التي تسبّبت في ارتباك حركة المرور قبل قطعها لأيام، حيث لم يستوعب السائق الإسباني، أن يجد رجالاً ونساءً يقطعون الطريق أمام العابرين، ويرتكبون أعمال عنف وتخريب وإساءات، في حقّ سائقين مسالمين.
وينقل الوثائقي صور حصرية، لأعمال مشينة لميليشيات الجبهة الانفصالية التي قطعت الطريق أمام المهنيين والمدنيين المتوجهين إلى الأسواق الإفريقية، في سلوكات منافية للقيم التي يتشبع بها الصحراوي الأصيل، وتنافي مبادئ حركة التجارة والتبادل والانفتاح الإنساني الكوني النبيل.
وفرض انتهاك الأعراف الدولية، وضرورات التواصل الإنساني والمصالح المتبادلة بين الشعوب، تدخّل القوات المسلحة الملكية في عملية أمنية سلمية لتأمين المعبر ووضع حد لأعمال البلطجة التي قامت بها ميليشيات البوليساريو وطردها من المكان. ومكّن هذا التدخل من إعادة فتح الطريق واستعادة انسيابيتها، ليتمكن بيريز وكل العابرين المدنيين من استئناف رحلاتهم إلى موريتانيا ومنها إلى وجهاتهم الإفريقية المختلفة.
إلى جانب قصة "مانولو"، تعزّز الفيلم بشهادات إنسانية لشيوخ بقبائل الصحراء ومداخلات علمية لمجموعة من الأساتذة في الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم النفس ومختصين في التاريخ والإعلام والاقتصاد والقانون الدولي، من المغرب والسينغال ومالي وفرنسا.
واعتبرت الشركة المنتجة للعمل، أنها تسعى من وراء هذا العمل إغناء الخزانة الوطنية بمواد سمعية بصرية وثائقية، من أجل بناء مرافعات ثقافية وفنية سينمائية عن مغربية الصحراء موجهة للمغاربة وللأجانب، تصد كل مزاعم الانفصال والتفرقة. ويتصدى لكل الأطروحات التي لا تستقيم مع التاريخ ومع الجغرافيا ومع الواقع فيما يتعلق بالقضية الوطنية على المستوى الإقليمي والدولي، إيمانا منها بأن العيش المشترك في بلد اسمه المغرب ممتد من طنجة إلى الكويرة، هو مسؤولية الجميع بما في ذلك المثقفون الفنانون وصانعو السينما والإعلام إلى جانب مؤسسات الدولة ومرافقها.